نعيش الآن أياما مباركة وهى ليالى العشر الأواخر من رمضان الفضيل، وقد يكون ضمن الأيام المتبقية ليلة القدر – وما أدراك ما ليلة القدر – ، وأيام قليلة ويحل علينا عيد الفطر المبارك، وجميع هذه الأيام تمثل زادا روحيا خاصا لكل إنسان، فما أعظم أن نتحلى بعبادة جبر الخواطر فيها لعل تكون من الفائزين، إذ أن عظمة جبر الخواطر تعد عبادة من أعظم العبادات لله سبحانه وتعالى، لأن مقاصد الشرع السمحة في كافة الأديان السماوية دائما ما تحث على وجوب التحلِّى بالأخلاق الحسنة والإنسانية الرحيمة والمشاعر الطيبة بين أفراد المجتمعات والأمم.
فلك أن تتخيل عظمة أن يكون هناك إحساس بآلام الناس، ومواساتهم في مصابهم، وكيف يكون المردود على قلوب هؤلاء المتألمين عندما تكون بجوارهم في محنتهم، ولك أن تتخيل جمال التبسم في وجه أناس تعرفهم أو لا تعرفهم ومدى وقوع هذا على أفئدتهم من محبة ودفء، ولك أن تتخيل حلاوة قضاء حاجة لمن هو في كرب أو ضيق، لدرجة أن يجعل فعلك هذا طوق عرفان فى رقبته، ولك أن تتخيل عظمة التهادى والتحابى لأناس ضعفاء فتكون سببا لقوتهم ورد الحق لهم فيكونون مدينون لك بكرمك، ولك أن تتخيل حال يتيم أو فقير تكون سببا في إسعاده وتفريج همه، ولك تتخيل فرحة الملائكة بك وأن تنصر المظلوم والضعيف والمحتاج ولو بكلمة.
وما أجمل من دعم مكلوم في مصيبته، وما أعظم من إرضاء أب أو أم فتكون الجنة في انتظارك، وما أروع من صفاء سريرة أخ وأخيه فتكون العزوة سند لك وقت غدر، وما أنبل من جبر خاطر أخت فتكون لها السند بعد الرب، وما أجمل من نصيحة لطائش فتكون سببا في صلاح حاله..
فكم منا من يطير فرحًا إذا ابتسم أحد في وجهه، وكم منا من لا تسعه السعادة إذا سمع كلمة تشجيع أو استحسان من غيره، لذلك، فإن هذه الصفة العظيمة والعبادة الكريمة، يحرص عليها دائما الأصفياء الأنقياء من أصحاب الأرواح الطيبة والمشاعر الفياضة، لذا يقول الإمام سفيان الثورى “ما رأيت عبادة يتقرب بها العبد إلى ربه مثل جبر الخاطر”.
وختاما.. أذكر بأهيمة جبر الخواطر خاصة مع الأهل حيث أعيش بشكل شخصى مرارة الفقد وقسوة الوجع بعد فقد أمى في تلك الأيام المباركة.. فإذا كنت أنت تكون جابر للخواطر فاعلم أن أمك هى رصيدك الحقيقي في الحياة.. فلا الولد ينفع إلا البار، ولا الزوج يُوفى إلا الأصيل، والأخ زوجته قد تُقسّي قلبه وتفسده، فلا يبقي لك سوى الأم لا يتغير عطفها ولا تبهت أبدا مشاعرها.. فاحرص على أمك وعبادة جبر الخواطر.. رحم الله أمى وكل أمهاتنا جميعا، وبارك اللهم في كل أم باقية على قيد الحياة.. اللهم أمين
زر الذهاب إلى الأعلى